لا يوجد شبكة في العقل !

من إحدى المواقع الالكترونية


تَشويش .. 
هذا كُل مَا تسمَعه الأُذُنان عَلى مَدى السّنواتِ الماضِية، الرأسُ أصبَحَ فارِغًا إلا مِنَ الهواء .. يُحاولُ جَاهِدًا في حَياتِهِ القاحِلة البَحْث عَنْ وَاحَةِ فِكر ..أي شَيءٍ يَروي بِه ظَمأ عَقله.

مَا بَينَ الفترَةِ وَ الفترة يَنقطعُ التشويش ، دَقيقةٌ مِنَ الهُدوء .. فَهمسٌ يَأتِي مِن بَعيد .. " هَذا ما حَصل ، وهذا ما سَيحصل .. وَأَنتَ تُؤيد هَذا القَرَار " .

يَعودُ التَشويِش وَ صَدَى الهمسُ يَضرِبُ بِجدْرانِ الرَأس ..يَستمرُ الصدَى ، وَيستَمرُ التَشويش حَتى الهمْسِ التَالِي .

حَالَةٌ مِن الصُداعِ تَفتِكُ بِه ، يَظنُ أنَ هَذا الهمسِ المُشوَش نَاتِجٌ عَن التَفكِير . يَربِطُ قِطعَةً مِن القِماشِ الأسوَد عَلى رَأسِهِ وَيُسدِلها عَلى عَينَيهِ ، إِنّهُ يُفكر وَيَرى .. وَيُؤيدُ القرَار الذي هُمِسَ فِي أذُنِه .

حِراسَةٌ مُشَددة عَلى مَناطِق التشويشِ خَوفًا مِنْ أي فَيروسٍ صَادِق قَد يُصيبُ الجَسدْ . فَلقد انتَشرَ ذَات مَرةٍ مَرضٌ مُعدي فِي المَنطِقة " أ "  تَسبَبَ بِه فَيروس صَادق أَدى إِلى عَودَة الشَبكة إلى العُقُول ، تَمرَدوا ... وَقُطعَ التشويِش عَنْ بَاقِي المنَاطِق حَتى يُهمَسَ هَذا التَعميم فِي أُذانهم  " نَعتذر عَلى قَرارِ الإِبَادة وَحَرق المَنطقة " أ " , وَحِرصًا مِنا عَلى صِحَتكم وَسَلامَتكم وَجَب قَتل المَرضَى المُفكِرين ، حَتى نَستَطِيع السيطَرةَ وَ نَمنَع تَفشي هَذا المَرض المُعدِي إلى مَناطِقكم " .

لا يُسمَح بِالاقترابِ مِن المَنطِقة " أ " رُغمَ الحَرقِ والإبَادةِ , فَأثرُ الفَيروس أَشبَهُ بِانفِجار مَحَطةٍ نَوويَة ، حَتى بَعد مِضيّ مِئاتِ السنِين سَيبقى خَطرُ إِشعاعَاتِ الفيروس الصّادق يُهدد حَياة كُل مَنْ يَقتَرب .
فَإنْ كُنتَ تَقرأ وَ أعراضُ مَرضِك يتَفق مَع أَعْراضِ مَرض الفيروس الصّادق فَتأكدْ أنك سَوفَ تُباد .
وَ إِن كُنتَ تَقرأ وَ لا تَفْهمْ ، فَلا تَخفْ أَنتَ مُعافى .


14 - آب - 2016





يا منْ بَقيتَ بَعدي

صورة الكتيب




يا منْ بَقيتَ بَعدي , عِنوانُ كُتيّب وَصلَني بَعد وَفاةِ إِحدى الصّديقات كَنوعٍ مِن تَخفيف وَجع الفراق عَلى لِسان الميّت لِيجْعلني أفَكر مَاذا لَو كُنت أنَا مَنْ تُوفيَت بَدلاً عَنْ الصّديقة ؟ ماذا سَأقول .. حَتمًا سأريدُ أن أرجِع , وَ لكن لِما ؟ .

سَأفعلُ الأشياء التي أجَلتُها في حَياتي التي ظَننتُ أنَها سَرمَدية , سَأكثرُ مِن العبادات وَهذا شَيءٌ مؤكد , سَأحاول مَسح آثار أقدامِي التي مَشت ذاتَ لحظة لِخطيئةٍ مَا .

وَالأهمُ مِنْ ذَلك .. مَنْ بَقيَ بَعدي .
سَأعتذرُ لَهُ عَن أنانيتي بِعدمْ إِخباري لَهُ بالحب الذي أكنَنْتهُ , لِكلِّ فردٍ من العائلة مارستُ تلك الخدع مِن أجلِ التّغيب عن موعد لمَّة العائلة وأَتَسلل لِلحَديثِ مَع مَجهولِين فِي إِحدى مَواقع التواصُل الاجتماعي ! , و عَنْ كُلِ لَحظة فَرحٍ لَوثتُها بِالعبوس , وَلَحظة ألم لَمْ أُجِد فَنْ المُواساة حينها .

إلى العَائِلة.. العائِلة .
فردًا جَاءوا إلى الدنيا بِفطرَة الحُب أمّا الكره فَهيَ كَلمة مَجهولة لَيستْ لَها وُجود فِي قاموسهم . بفطرة الحُب استحملوا جنوني .. ضحكي وحزني .. فَلسفَتي وَ كلامٌ لا معنى له , تَحدثتُ بِهِ لسَاعات وَاستَمَعوا لَه أيضًا لِساعات .


العَائِلة.. مَنْ بَقيت بَعدي .
لَو كُنتُ أنَا مَن تُوفيَت لَتمنيتُ أنْ أَعود لَهُم , وَلأحضانِهِم ألتَجأ . كَم أتَلَهف لِأعود لِدَقيقَةٍ وَاحدة , وَأعدُ أنّها سِتون ثَانِية دُونَ أنْ أَزيدَها ثانِية واحِدة , سِتونَ ثانِيةَ لِأخبِرَهم كَم أُحِبَهم . نَحنُ سَيِئين فِي حَقِ مَنْ نُحِب ، لا نُجيد أنْ نَستَمِتع لَهُم .. تُلهينا الحَياة ، وَلكِن مَن يُلهي المَوت !.



 العائلة ..
ولمَّة العائلة التي نادرًا مَا تُقدر حَتى تُفقد , ويزورُ خَريفُ الموتِ أحَدَهم فَتسقُط وَرقته .. نُقلب ألبومَ حَياته بأسى فِي أولِ رمضانٍ يقضيه وَحيدًا في قَبرهِ .. مَاذا كان يُحِب .. ما هِيَ طُقوسَه لِهذا الشّهرِ الفَضيل , وَ كيفَ كانَ يَتَعبد .
لا تَخوننا الذاكرة , وَلكن نَخونُ الوَقت .. مُتَسائِلين بِحسرةٍ مَنْ يُعيدَه ! .

لا أَحَد يُعيدُ الراحِلينَ فِي سُنَة الله التي شَرَعها في الحَياة , نَعلَمُ ذلك وَلكِن لا نُوقِنَهُ إِلا عِندَ الفَقد , عِندَها نَقول يَا مَنْ ذَهبتَ قَبلِي ألا لَيتَ الزّمانُ يَعودُ يَومًا .. وَيَقولُ هُو فِي ظُلمةِ قَبرهِ وَ يَا مَنْ بَقيتَ بَعدي ألا لَيتَ الزّمانُ يَعودُ دَقِيقَة.

وَحدهُ الله تعالى يَعلم مَنْ سَيبقى بَعد مَنْ , رُبما أنا وَ أدعُوا الله لَو يَكونوا هُم , وَالحمدُ لله الذي هَدانِي فِي كُل لَحظَة كُنت مَعَهم وَجَعَلني أقدر نِعمَت وُجودِهم .. وَاللهم ارحَمْ جَميعَ مَوتانا ، وَاغفِر لَهُم خَطاياهم.. وَأنِر قُبورَهم وَآنِس وِحشَتهم . 

13- آب - 2016

القتل بالحُسنى

لوحة تكعيبية


في مَا مَضى قالت فاينا رانيفسكايا بِأنه إِذا أَساءَ إليكَ شَخص فأَعطِهِ سُكَّرة , وإذا أسَاءَ إليكَ مَرةً أُخرى فأَعطِهِ سُكَّرة ثانيةً , وَهكذا دَواليك إلى أنْ يَقتلهُ السّكري
حقًا لا أختَلف مَعها في الفِكرة , فَفلسفتي تقول " أنّه إذا أساءَ لك شَخص ما فَاقتُلهُ بِالحُسنى " , وَهي فَلسَفة تَتَغذى على مَبدأ واحد وَهوَ الإِحسان , أو كَما أحِب تَسميَتَهُ " القتل بِالحُسنى ".. قتل الإساءةَ بِالإحْسان

مَبدأ " القَتلْ بِالحُسنى " ليسَ بِجَديد فَقَد تَربينا عَليهِ مُنذُ نُعومَةِ أَظافِرَنا , وَشَهِدْناه في القرآنِ الكَريم حينَ قالَ الله تَعالى " وَلا تَستَوي الحَسَنةُ وَلا السَّيئةُ ادفَعْ بِالتِي هِيَ أَحسَنُ فإِذَا الذِي بَينَكَ وَبَيْنَهُ عَداوةٌ كأنهُ وَليٌّ حَميم " . أسْتَطيعُ أنْ أَجزِمَ أن جَميعَنا مارَسنا " القتل بِالحُسنى " وَ " القتل بِالإساءة " , لِذا اسأل نفسَكَ ماذا جَنيتَ مِن كِلتا التّجربَتين ؟ , وَمَن هِيَ التجرِبَة التي مَنَحتك السّعادَة وَراحةِ البال ؟ , مَن هِيَ التجرِبة التي سَتُكرِرَها بِنفسٍ راضِية مُطمَئِنة ؟

أمقتُ الحُروب .. هكَذا قُلتُ عِندَما طُرِحَ عَليّ سُؤال ( ماذا استَفدتِ مِن الإحسانِ إِلى أشخاصٍ مُسْتمرينَ في غَرسِ جُذورِ الشّوك في قَلبِك ؟ ) , وَبها اختَصرتُ جَلستَ حِواري مَعَ قلبي وَعقلي .. وَعِندَها رَفعتُ القلمْ
الحُروب .. وَمَنْ يَعْشَقُها ؟ . تَسرِقُ مِنا الكثيرَ مِن العُمرِ وَالصّحَةِ وَالسّعادَةِ , تاركةً ساحاتٍ تملؤهَا حُطامِ الكُرهِ وَالأحْقادِ , ناثرَةً أشلاءٍ لِذكرَياتٍ كَانت سَعيدَةً فيما مَضى .. وَأجْسادٍ بِقُلوبٍ سَوداء قَتَلتْ بَعضَها بِالإساءة .. فَلمْ تَجِد مَنْ يَحنو عَليهَا وَيَدفِنَها . مَنْ يَقتلِ الإِساءة إِذا تَمَرّدت غَير الإحْسان ! , فَرد الحَرب بِالحَربِ لا يَصنَع سُوى المَجازِر . وَحدَها مُبادَراتِ الإحسانِ هِيَ مَنْ تَصنَع السّلام

نَحتاجُ لِأنْ نَأخُذ مَوعدًا لِتجميلِ القلبِ في مَتجَر الحَلوى , أنْ نُزيلَ ما في داخِلهِ وَنَملأه سَكاكرَ .. حَتى إِذا دَقتْ ساعةُ حَفلةُ الإساءة نَبدأ بِتوزيعِ سكاكِرَ القلبِ بِسخاء .. أجَل أعطِهِ سُكرة , فَحينَ تُعطي المُسيءَ سُكرةً فِي كلّ حَفلةٍ تُدعى إِليها فَسَيقتلهُ سُكري الخَجلْ , سُكري الاستِحياءَ مِمَا فَعل .. مِنْ أشواكٍ أَهداها لَكَ بَدلًا عَن الوُرود , سَتقتُله سُكّرةُ إِحسانِك حَتمًا


هذهِ دَعوةٌ مِني لِقَتلِ الإساءةِ بالإحسان .. " وَأَحسِنوا إِنَّ اللَّهَ يُحِب المُحسِنين " .

4- آب - 2016

لا أحب البحر .. ولا أعشق المراكب

ضوء القمر فوق ميناء بولونيا للفنان إدوار مانيه 1868 .


كنتُ صادقةٌ مع نفسي عِندما كُنت أُؤلفُ نوتات موسيقيةٍ في ( عدم حبي للبحر ) , فَكرهُ كَلمةٌ كبيرةٌ لمْ أَصل إِليها حتى الآن .. أو رُبما وَصلتْ . 
لا أَرى في البحرِ إلا المقابر , مراكبُ غارقة , جثثٌ تطفو , هل نستطيعُ البكاءَ تَحتِ الماء , هَل تُرى الدّموع , عِندما تكونُ بِلونِ الأَسى وَ الخذلان !.
هل تُرى الدُموع تَحتَ صُراخِ ( لقد خانتنا ) ! , و كما خانَتنا الصديقات تَخوننا المَراكب . 
هَل نَستطيع استدعاء المَراكبِ لِلمثول أَمامَ المحكمة حتى تَعترف بجريمةِ الغرقان ! . 

ماذا ستقول ؟ 

 أَنها حَزُنَت لِقصتنا , فَغَرِقت مِن حُزنها وَأغرقتنا مَعها ... أَم أنّها قَررت أن تَضعَ نِهايةٍ مَأساويةٍ لنا فلمْ تُعجبها مَراسمِ المعاناة ! 
هل نستطيعُ أن نصدرَ حُكمٍ بِالإعدامِ للمَراكب , كَأن تموتَ شنقًا فوقَ الشاطئِ وَ تَحتَ لهيبِ الشمس ونَكتب عَلى قبرِها ( ماتت عَطْشا ! ) 

هل نستطيعُ محاكمة المراكب؟ .


2- حزيران - 2016

الصائد افترس الملاك

 من إحدى المواقع الإلكترونية


محاولة اعتذار / إلى مَنْ رُوحي هِيَ قِطعةٌ مِنها , 
إِلى المَلاك النّقي ..هِذه مُحاولة اعتِذار لَعلَكِ تَقبلينَها وَتُعطِني صَدقة مِنْ عُملةِ الغُفران . 

هنا دعوتُ نَفسي إِلى جَلسة مُصارحة مَع الذات .. أًريدُ أن أنسفَ ذاتي , أنْ أحولَ هذهِ الجَلسة مِن ساحَة حَرب إلى مَجزرة لعلي أَجِد نَفسي بين الأشلاء .. فلطالما كُنت الضحِية , أو رُبما أنا مَن أَعجَبني هذا الدور ...أَرتديه مَتى شِئت , وَأنْزَعُهُ مَتى أُريد . 
وَحيثما وُجِدَت الضحية وُجِدَ الصيّاد , وكانَ السؤالُ مَن هوَ الصياد وَمَنْ الضحية ! . 

لمْ أَكُن سوى صائد مُحتَرف يُجيد غَرسَ سِهامِ الحُروف في الضحِية .. وَلمْ تَكنْ هِيَ ضَحية بِقدرِ ما كانتْ مَلاك , نَقي ..
تنكَسر حُروفُ الأَبجَدية كُلها أَمامَها . وَتَطمِر السّهام رَأسها خَجلًا مِن أنْ تُصيبها , خَجلًا مِن أنّها انطَلقت بَحثًا عنْها لِتُصيبها . 

تَتَساءلُ السّهام : كَيف تَجرأ الصائد بِلباسهِ الذي يُشبه الضّحيةَ أنْ يَفترسَ المَلاك ؟ , وَ كيفَ خَطرَت فِكرَت أنْ يُلقي كل خَطايا الكونْ إلا خَطيئة واحدةَ يَنْسِبُها لِنفسه .. خطيئةَ اصطِياد المَلاك ! . 
كيفَ تَناسا أنّ صَيد المَلاك , هوَ صيدٌ مَمنوعٌ دوليًا , وَعالميًا وكونيًا ... صيدٌ مُنافي لِجميع الأديانِ ؟ . 

فأجيبُ على استحياءٍ : أريدُ أنْ أَتَلاشى . 
هَل تَسطيعُ البحارُ أنْ تَلتَهِمني وَتَطمِرُني فَوقَ أمواجِها السّبعة ؟ , هَل تَستطيعُ السّحُب أنْ تَسوقَني إِلى بلاد الواق واق مُعلنةً نَفيي ؟ , هَل تَستطيعُ الأشجار أن تَجعلني أحدَ أغصانِها لعل أحدًا ما يَكسرَني فَيحرِقني ؟. 
لماذا لا أمْلِك شَريط حَياتي وَأكنْ أنا المُنتِجة فَأقتصُ مشهدَ الاصطِياد وَأُزيلهُ مِن مَشاهدَ الحياة , وَهل تُعتبر هِذه جَريمةَ تزوير ؟ أمْ جَريمَة إِخفاء أدِلة جنائية ؟ . 

في المنفى .. ضائِعة , كَيفَ العودةَ إِلى عْينيها فَلا أُريدُ الاغترابَ , وَشنطَةُ سَفري ثَقيلةٌ بالخطيئَة وَيصعبُ عَلي أنْ أَحمِلها على ظَهري .. 
في مَحطاتِ التّشرد كُنتُ مُتسولةَ تَرتَدي رِداءَ الضّحية , أَطلبُ الصّدقة . تنهالُ النّقودُ بِمختلفِ العملاتِ على يَدي , لكنّي لا أطلبُ سُوى صَدقةَ مِن عُملة واحدةَ ... صَدقة مِنْ عُملةِ الغُفران . 
عُملةَ كُتبَ عَليها , " أَغفرُ لكِ .. وأُحبُكِ أيضًا " .


 3 - آب - 2016

إلى صاحب الأقنعة

من إحدى المواقع الإلكترونية


الإهداء : إلى صاحبِ الأَقنعة , مُتمنيةً أنْ يَرتدي وَجهَهُ الحقيقي أَثناء القِراءة ... 


لَقدْ سَقط 
 في الخريف تساقطت الأوراق , الصّفراء والحَمراء ... وهُنالِك واحدةٌ خضراء لم يَحن مَوعد سُقوطِها لكنها سَقطت , يُقال أنَها سَقَطت " سقطة فرويدية " . 
في لَحظةِ غَباءٍ متذاكية ظنّت أنَها سَتبقى هُنالِك مُعلقة , أَنْ تَرتَكِب كُلَ الآثام وتبقى معلقة .. شامخة .
ما فَعلتهُ الوَرقة الخَضراء المُتذاكية أنّها صَبغت شَيبَها الأصْفر بِالخضار , وَتعالتْ بِالشموخ .. 
لكنها نَسيتْ أنْ تَصبغ الداخل.. أنْ تَشرب عَشر غالونات مِن اللونِ الأخضر !
في الخَريف تساقطت الأوراق ...وَالأقنعة .
منْ أطاحَ بهِ مِنَ السماء , وَكيفَ هَبط من قصره العاجي إلى الأرض .. كَيفَ سينجو ؟ 
هَو لا يَعرف المَشي فَلقد إِعتادَ عَلى أن يَرفعهُ النّاس , ولا يعرف الحَبوَ فقد كان شامخًا و لن يَنزلَ إلى الأرضِ أَكثر . 
لا تُوجد حِبال مُعلقةٌ في السّماء لِيرجع .. يَستصرخْ مُتسائِلاً عَنِ الرّجوع , فَلقد إعتاد البَذَخ .. وَأتَسأل بِحرقةٍ عَنِ الشّتاء آملةً من الثلوج أن تَسحقه . 





قتَلتَ نفسَك
 هَلْ تعلمْ ما هِيَ الصدمَةُ الخارِجةُ عَنِ المَألوف ! , كَأن أَراكَ في ثوبٍ غيرَ ثوبِك , وَأنّه لثوبِ مهرجٍ اقتَرفَ خَطيئةَ إسعادِ نَفسهِ وَ كسرِ قُلوبِ الآخرين . 
في مدينَةِ النّفاق , كُنتَ أَشبهُ بثريٍ جَشَعٍ يَتسول بِلباسِ الفُقراء ثّم يَدعي أنّهُ سُرقَ مِنْ جَيبه الرّغيف ! , لا .. لَمْ يُسرق مِن جَيبِك الرغيف , بل جَيبك كان مثْقوبًا . 
وفي سِجنِ المدينةِ , كُنتَ تَركُضُ على الرُغم مِن ثِقَل السَلاسلَ التي وُضِعتْ في قَدميك , عُذرًا ... تَذكرتْ كُنتَ تَملِكُ مَفاتيحَ السّلاسل فَقدْ كُنتَ السَّجان يَدّعي أنَّه السَجين , وَكُنت الظلام يَحمل جَواز سفرٍ مُزورٍ كُتب فيه ( الدِيانَة : النّور ). 
أعْلنتُ عَليكَ النّفي , إِلى جزيرةٍ أَسْمَيْتُها بِاسمك .. لِتبدأ هُنالِك قِصةَ التّشرد التي تُجيدُها , قِصة الضّعيف الطّاغية , النّور المُظلم , الفَقير الثّري , المُطيع العاصي .. 
أيّها المُتناقد المُتناقد .
 لِترقدْ هُناك فِي جَزيرتك وَحدكَ على ألحانِ موسيقا المْوتِ الكَئيبة , وَغني قَبْل أن تَنام بِانتحاب : قَتلتُ نَفسي . 



صَك الغُفران 
 وحيدةٌ إلا من ذكراك التي تفترسني دونما رحمة .. وأعرف أنك لو عُدتَ لَطردتك , دونما رَحمة ! -غادة السمان –

السماءُ كَئيبةٌ , رَمادية تُمطر .. أَتساءل عَن سَبب حُزنها . 
عشراتُ الناسِ هُنا , وَلكني أَقطعُ تَذكرتَ اللاعَودة وَحدي .. 
فَلا أحدٌ يُريد النسيانَ في هذا الوقْتِ , وَلا أحد يُريد الرّحيل ... فَقط حَضروا لِتوديعي . 
في لَحظةِ احتِضارِكَ جِئتْ ! , لَمحتُ ظِلّك بَينَ موكِبِ المُودِعين .. 
وفي لحظةِ انتظاري للمَركب مُعلنة انسِحابي الأبَدي ... جِئتْ .. تَحبوا مَسعورًا تَطلب الغُفران ! . 
بِيدك وَرقةٌ طِبية رَثة حَصلتَ عَليها مِن مَصح المَجانين كُتب فيها " لَقدْ تَعافى " .. 
تَعافى مِن الكَذب , مِن الزّيف .. مِن الأَقنِعة ! 
وَفي أدنى الوَرَقة كُتبَ في خانَة الطبيب اسمي .. وَأرَدتَ مِنّي التوقيعَ عَلى الخُروج فَقط . 
التّوقيع عَلى الغُفران ... 
وَهل سَأغفر ! 
أَخذتُ القلم مِنك , وَرأيتُ عَيْنَيْكَ تَبْكي فَرحًا ... حانَت لَحظةُ مَوتك ... تُريد أن تَموتَ بِسلام , فَلقد احتَضرتَ لِسنوات . 
أعْطيتُكَ الورقة وَرَحلتُ في مَركَبي الهائِجِ ... 
رَحلتُ قبل أن تَرحَلْ .. 
خانةُ التّوقيع تَركْتُها فارغة لِسؤالٍ كَتبتُهُ بِجانبه , مُنتَظِرة الإِجابة . 
كانَ السؤال " أَخبِرني عَنْ مَقدرةِ الحُب عَلى الغُفران , ألِمقدرَتها حُدود أم حُدودها السّماء ؟ " . 
وهُنا رَحلتَ أنتَ .. وَبقيَ السؤالُ دونَ إِجابة .. وَبقيتْ الورقة دونَ تَوقيع .

14- شباط - 2016 و 17 - تموز - 2016

زهرةُ الياسمين

زهرة الياسمين - الصورة مأخوذة من إحدى الصفحات الإلكترونية-



 في غربِ آسيا , فتاةٌ اسمها سين جميلةٌ غنيةٌ بِتاريخها وتُراثها .. باختصار عَريقة ,لكن ومعَ الأسفِ هل يقفُ الجمال أمام سطوةِ ولي أمرٍ طاغي !

 ذاتَ ربيع ، تمردت سين .. تمردت على الظلمِ على الطغيان ، رفضت هذا الاستبداد . تمردت وهي تظنُّ أنَ صديقاتِها سَيقفونَ إلى جانبها ، فكم من مرةٍ همسوا في أُذنها ( لا تقبلي بهذا الذلِ والهوان ) !.

 ذات ربيع ، في حفلِ الخِيانة تآمرت صديقاتُها اللدودات معَ الطاغي من تَحتِ الطاولة ! ، أَخبروها ( نَحنُ مَعكِ ) لكنَّ الحقيقة أنهم تركوها وحدها ضائعة تقاومُ ظلمهُ بنفسها . 

في غربِ آسيا ، ذاتَ ربيع .. فتاةٌ اسمها سين ، تنزف من وجعٍ آخر ، فَقد تآمرت عَليها ( أعضاءُ جسدها ) ! .
كيفَ لأصابعها أن ترى كفها ينزف , وتستمر بالحركةِ كأن شيئًا لمْ يكن .. وتنهمرُ دماءِ الحزنِ فوقَ أصابِعها , فتمسحُها الأصابع وتقول ( نحنُ بخير , وهذا مجردُ حبرٍ سائلِ اتسخت بها الكف لا شيءَ آخر ) . 
وكيف تآمر عَليها عقلها , فأصبحَ مغيب ... لا يَعي , غارق في مُستنقعِ الظلام , لا يَرى ولا يَتكلم ولا يَتحرك .. مشلولٌ هوَ بالكامل ! 
وَتخونها الذاكرةُ فتفقدُ في الصباحِ ما حصلَ في المساء , فلمْ يَخنق جَسدها سُموم وغازاتِ المساء , ولم تحرقها القذائف ! 
لا شيءَ حصلْ ! 

في غربِ آسيا , فتاةٌ اسمها سين .. تنتَحب كَكمنجةٍ مكسورةِ الجناح , تَبكي في حُضنِ ياسمينة فتحت أوراقها لتعانقها , فلا أحدَ يزرعُ الياسمينَ كما تزرعها هي .. بِحب . 

وَحدَها زَهرةَ الياسَمين لمْ تتآمرعليها . 





2- حزيران - 2016

سَتبقى الأجملْ

صورة سقراط , فهو الذي يرى الجمال أخلاق وقيم إنسانية ونقاء .



" سَتبقى الأجمل " , عنوان قرأته في إحدى المدونات تحدثت فيه الكاتبة عن ثائِر وطني . 
لأسرح بفكري لِمنْ هوَ أجمل , ولمن ذكراهُ لا تشوبها شائبة !. 
هنالك أشخاص يختمونَ على ذاكرتك بالشمع الأحمر , وفي الختم كُتِبَ بخطٍ صغير " لا تنْسِني .. أبقني طيرًا يجول في سَمائِك " . 

حقًا وصدقًا لا أعلم مع زحمة الأفكار ومشاغل الحياة وكمية الأشخاص الذين يزورونَ الذاكرة , إلا أن جملة " ستبقى الأجمل " قفزت لشخص واحد ! .
 وكأنَّ الجملة ما هي إلا تعويذةٌ سحرية أحضرته من بلاد الواق واق ليمتثل أمام الذاكرة , أو كمصباح سحري لامست العبارة جدرانها فاستيقظ من سباته العميق , وخرج منها من بين الذكريات ذات الاثنان وعشرون عامًا . 

إلى الجميلِ الراقد بين الخليةِ العصبية والأخرى , بانتظار الجمل والأماكن والمواقف لِتذكرَني بِك .. سَتبقى الأجمل . "



 20 - تموز -  2016


أنا اللاأحد

  لوحة " دكتور بورترية الدكتور غاشية " للفنان فينسنت فان جوخ

أنَا لا أحَد .. مَن أنتَ؟
أأنتَ أيضًا .. لا أحَد؟
هُناكَ اثنان مِنا .. لا تُخبِر أحَد
فَسوفَ ينبِذونَنا .. كَمَا تَعلم!
-إيميلي ديكنسون , شاعرة أمريكية -



في إحدى صباحات يوم الجمعة حدث وأن أهديت نفسي باقة زهور ..
لا لم أجعل منسق الزهور يقوم بعمله بل أنا من وتفننت في اختيار الزهور وتنسيقها , وأنا من اهديتها لنفسي .
.
.
الآن بعد مرور شهور على هذا الحدث المهم , وإذا بي أقراء مقتطف ل ( مريد برغوثي ) يقول به :" القهوة يجب أن يقدمها لك شخص ما . القهوة كالورد , فالورد يقدمه لك سواك , ولا احد يقدم وردًا لنفسه . وإن أعددتها لنفسك فأنت لحظتها في عزلة حرة بلا عاشق أو عزيز , غريب في مكانك . وإن كان هذا اختياراً فأنت تدفع ثمن حريتك , وإن كان اضطرارًا فانت في حاجة إلى جرس الباب . "

شعرت للحظة بالأسى على نفسي , لست لأني قدمت الزهور لنفسي ولكن لأنه ( لا احد ) فعلها من قبل , أأنا اللاأحد ؟.
وماذا عن القهوة ! , لا أحد يجيد صنع قهوتي كما أصنعها أنا أو ربما لأنني لم أعتد ان يقدم لي أحد قهوة .
ربما أنا في عزلة لكنني أبقى حرة , لم سبق لي أن أعتقلت بالسجن بتهمة الحب .
ما أجمل التوحد مع نفسي , وما أجمل أن أقدم لها ولي ولروحي قهوة ( الأنا ) .
إنها قهوة واحدة المذاق ولكنها تختلف بالمقادير حسب المزاج
ففي الحزن القهوة بقطعتين سكر وفي وقت السعادة قهوة مرة , وفي الحالتين الطعم واحد .
إنها المسألة التي يستطيع حلها أحد ولكن لا يتقن حلها إلا لاأحد
أنا " اللاأحد " التي قدمت لنفسي الزهور وأنا " اللاأحد " التي تستيقظ صباحًا فقط لتعد لنفسها فنجان قهوة ( الأنا ) !!



8- آب - 2014
7:52 صباحًا

Popular Posts

Like us on Facebook

Flickr Images